إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 23 أبريل 2013

إلى روح الشهيد الصادق




لقد رحلت .. نعم رحلت .. أو بعبارة أدق إختارك الله واصطفاك لتكون بجواره في دار رحمته وكرامته، فهذه الدنيا حقيرة لا تليق بك، إنها وسخة نتنه لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة لما سقى  الكافر منها شربة ماء، فهي حقيرة دنيئة يتنعمٌ بها الكفار الفاجرون وأمثالهم وأتباعهم بالمال والبنون ويسكنون القصور ويمارسون ظلمهم وطغيانهم، فلو بقيت وعُمرت فيها لرأيت ما يضيق به صدرك وتضجر به نفسك الطيبة الطاهرة ويحجب به عقلك وفكرك النير الواسع.
فإلى جنات الخلد –بإذن الله- إلى ذلك النعيم السرمدي الأبدي إلى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر إلى دار الصادقين الصالحين الطيبين بجوار الأنبياء والدعاه المصلحين 
إلى دار الخير والهداية والصلاح التي تاقت نفسك للقياها كما تاقت أنفسنا للقياك.

16 محرم 1434هـ

السبت، 24 نوفمبر 2012

عقولنا كالسلحفاة أو أشد بطئاً








عقولنا كالسلحفاة أو أشد بطئاً

لم تعرف البشرية كائناً أبطئ من السلحفاة فهي لا تكاد تغير مكانها إذ تظل في مشي بطئ متشتت ثم سرعان ما تعود لموقعها السابق، وبالإضافة إلى بطئها وتشتتها فهي أيضاً تحمل درقة صلبة متحجرة تبدو غير متكيفة بالأجواء المحيطة لتختبئ بها. وهي في تحجرها وبطئها تكون أكثر شبهاً وتوافقاً لعقولنا الصلبة التي فقدت القدرة على مواكبة العصر.

لن أتحدث عن مواقف قديمة كالبرقيات وتعليم البنات أو حتى ركوب الدراجة "السيكل" وشراء بعض ملابس وحاجيات النساء، فكلها أصبحت من الماضي أو من التراث الشعبي الذي يذكر للطرفة فقط. وربما يكون ذلك المنع مقبولاً أو مفهوماً لانتشار الأمية ولانزواء المجتمع عن العالم آنذاك.

ولكني سأتحدث عن أمور عايشتها ورأيتها بعد أن انتشرالعلم في معظم طبقات المجتمع المختلفة وتوزعت المدارس والجامعات في أرجاء البلاد. ففي التسعينات الميلادية ظهرت الأطباق الفضائية لتواجه رفضاً شديداً وإقصاءً لكل من نصب هذا القرص فوق منزله حتى أفتى أحد كبار العلماء أن من أدخل الدش في منزله لن يدخل الجنة وبفتواه هذه يكون قد جعل جلب الدش كترك الصلاة متعمداً. والآن وبعد قرابة خمسة عشر عاماً أصبح لنفس المفتي قناة فضائية تُنشر علمه وأقواله، وهؤلاء الدعاة الذي كانوا يرددون فتواه وفتاوى أخرى مشابهه أصبحوا يتقافزون على القنوات الفضائية ويتسابقون على عقودها الضخمة. مثال آخر تلك الصور الفوتوغرافية المحرمة المُفضية إلى الشرك الأكبر المأمورين بإحراقها وإتلافها فوراً، الآن وبعد عقدان من الزمان أصبحنا نشاهد صور العلماء والخطباء وصفحات التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك / تويتر) مليئة بصور "المطاوعة" وغيرهم وهم مسافرون وراحلون إلى ماليزيا وتركيا أو حتى دول أوربا. أين تلك الصور قبل عشرين عام؟ وأين القول بتحريمها والأمر بإحراقها وإتلافها؟ من يذكر جوال "الباندا" ذو الكاميرا الصغيرة البائسة؟ حُرم الجهاز ومنع دخوله وبيعه وأصبح الكثير ينظر لصاحبه نظرة شك وريبه لأنه يحمل جهازاً صغيراً خطيراً يحوي كاميرا من شانها توثيق الصور وكشف العورات خاصة في التجمعات النسائية .. أما الآن أصبحنا نتسابق للظفر بآخر جيل من الآي فون أو الجلاكسي وأثقلنا حقائب المبتعثين بطلباتنا الخاصة والعاجلة.

تخلفنا وبطئنا لمواكبة العصر ليس في مجال المقتنيات فقط، بل حتى في الجوانب السياسية والاقتصادية، فرغم أن معظم المفكرين الشرقيين والغربيين يقرون بأن الديمقراطية لا تحقق العدالة بأكملها، ولكنها أفضل نظام عادل يُمكن أن يطبق. إلا أننا نرفضه ونرفض الحريات المصاحبة لها ونقدم ونفضل عليها نظام استبدادي قمعي جائر لا يمكن مقارنته بالديمقراطية، ثم نعيب الديمقراطية ببعض أخطاءها سواء كانت في النظام أو في التطبيق ونحن أخطاءنا لا تحصى. نرفض أيضاً تقنين الشريعة ووضع قوانين واضحة وصريحة ونفضل أن يُترك المجال لاجتهادات القضاة المختلفة لتصدر أحكام متباينة متناقضة لنفس القضية. أما في الأمور المالية فحدث ولا حرج، فحرمنا الحلال وحللنا الحرام فأصبحنا نقر بالقروض المحتالة على الشريعة ذو الفوائد الباهظة الجائرة وحرمنا القرض الميسر ذو الفائدة القليلة .. ونحن بذلك قد خالفنا مقصد الشريعة من تحريم الربا .. فأصبحت البنوك التي تزعم تطبيق الشريعة تستفيد من القروض أكثر من البنوك التقليدية ويتضرر المقترضون منها ويدفعون أكثر مما يدفع المقترض من البنوك التقليدية، وما ذلك إلا لأننا لم ندرك العلة من تحريم الربا وأدخلنا النقود في قائمة الأصناف الستة بفهم خاطئ والعلماء المفتون بذلك أما جاهلون للواقع أو منتفعون ولا أجد تفسير غير ذلك، وبهذا الأمر بالذات نحتاج لوقت طويل ربما يفوق عمر الإنسان لنستوعب أخطاءنا وتأخرنا. 

فنحن الآن كالسلحفاة تماماً تسير وتتحرك عقولنا وإدراكنا بينما دول الشرق يقفزون قفزات هائلة ومرعبة ومخيفة ودول الغرب يسيرون بثبات ويضعون الأنظمة والتشريعات ويشيدون حضارة قد بنينها يوم كنا نتصدر الأمم فمتى ننهض بفكرنا وعقلنا لنعود لماضي أمجادنا؟

السبت، 3 نوفمبر 2012

باب ما جاء في لبس الجنز ... وركب البنز







في حياتنا العصرية الجديدة المتجددة .. الصناعية التي نستورد فيها كل شئ من الشرق والغرب ولا نصدر لهم سوى براميل النفط وعدد كبير من السياح من طبقات المجتمع الارستقراطية إلى الطبقة الكادحة الهالكة الفارة الهاربة
وفي العاصمة الرياض .. المكتظة بالزحمة والفوضى والعشوائية .. المليئة بالأتربة والغبار والوساخات .. الحارة الباردة .. الحالمة والحارمة .. وفي مكان جمع كل المتناقضات .. فما يقال عنها .. هو تماماً خلاف ما هي عليه.. وما يُصرح بمنعه هو ما يسمح بفعله..

بعد كل هذه المقدمة .. يا أحباب يا أصحاب .. يا أخوات .. يا عزيزات .. حدث لي موقف في طفولتي ما زل يقبع ويتربع في مكان مرعب في ذاكرتي البريئة .. ففي عصرية يومٍ صيفي طويل ..كنت العب الكرة .. كسائر أي طفل سعودي .. حتى أذن المغرب فذهبنا للفور لأداه الوضوء أولا ثم الصلاة ( توضيح الترتيب مهم وحساس  ) .. وكنت الوحيد من بينهم الذي يرتدي ملابس الرياضة الأنيقة ( بمعاير ذلك الوقت طبعاً) وبعد الصلاة وقبل خروجي من المسجد كان نظرات رجل عجوز قد شاب شعره وهرى جلده وفكره .. تلاحقني وتربكني وتقلقني .. وقد حار فكري الصغير .. هل هي نظرات إعجاب وإكبار ( فقد كنت مملوحاً حسب ما اسمع) أم هي ازدراء واحتقار ... وكان الجواب الفاصل سريع وعاجل .. فوقتما وقف أمامي تماماً عند باب المسجد .. الوجه بالوجه والعين بالعين والصمت مطبقاً من الطرفين .. هممت للسلام عليه .. ولكن كفاً قاسياً قوياً ظالماً ضرب وجهي وسمعت صوته مرتين .. ثم لم افتح عيني إلا وقد هرب وفر من فعلته الشنيعة ... أدركت بطفولتي الصغيرة .. أن ما جعل الجنون يطفوا على عقله ( على افتراض وجود العقل  ) .. هي قطعتين من القماش الملون لبستها للعب الكرة!

هجرت بعدها الملابس الملونة خاصة التي تُفصل الجسم وتقسم الأرجل .. وقدست الثياب البيضاء الناصعة ..العربية الأصيلة .. كما أن قطعة القماش الحمراء "الكاروهات" .. أصبحت عندي هي الخط الفاصل بين "المرجلة" والمخنثة .. الحمد لله أن ذلك الموقف لم يجعلني ابتعد عن المساجد .. فبالرغم من كرهي لذلك الرجل العجوز .. وفعلته الحمقاء .. إلا أني كنت أراه صائبا في إنكاره .. ومخطئا في أسلوبه .. وربما أن ضربته القاسية لم تدع مجال للنقاش .. فوافقته تلقائياً وبلا شعور .. ! 

ولكن الأيام دارت .. وصالت وجالت .. وتغيرت الحياة .. وتوسعت المدارك والعقول ثم رأيت بلدان عربية إسلامية أًصيلة ترتدي الملابس الملونة بكل أنواعها .. ولا ترى بذلك افرنجه ولا خواجه .. ولا تقليداً للشرق او الغرب .. بل لو خرجت فتوى من تلك الديار بأن لبس الجنز من التشبه بالكفار لكانت نكتة العصر .. فهذه الملابس هي عصرية .. عالمية .. يلبسها الكل .. فلبس الجنز .. مثل رَكبِ البنز .. يُفعل للحاجه ويترك لعدمها.. فقد تذهب للمسجد بقدميك .. أو بركوب البنز .. وقد تصلي بالمسجد بثوب ابيض او بذلك الجنز .. فكلاهما لبس ساتر للعورة .. أما القول بأنه تشبه بالكفار أو من نتاجهم أو عاداتهم .. فأظنه مردود .. لان كل حاجاتنا اليوم تأتي منهم من اكبر قطعة في البلد حتى أصغرها وأحقرها ..

هذا رأيي المتواضع البسيط .. الصواب المحتمل للخطأ ( ولو بنسبة ضئيلة  )
فمن وافقني فهو مشكور محمود .. ومن خالفني فيا أهلا وسهلاً بتلك الردود .. وعليه بالأقوال والشواهد أن يجود .. وأن يبتعد عن المنازعات التي تورث البغض والحقود .. 




بنز "ميرسيدس" مودل ١٩٥٧م




الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012

..متاريسيا كافيه ..




كل عام وأنتم بخير ..

في أجواء الرياض الجميلة فقط في أيام العيد، فالشوارع خالية والحركة خفيفة ..والمشاوير أصبحت قريبة ويسيرة وسهلة.. ساقني قدر الله لأذهب إلى متاريسيا كافيه .. في شارع التحيلة .. محمد بن سعود .. ومن الصدفة ان اسم الشارع الرسمي والعُرفي متطابق في الرياض وجدة .. وهوية وشكل الشارع هي نفسها تماماً.. فأريد به أن يصبح شارع عصري .. متقدم ملئ بالحياة والحضارة .. ولكنه اصبح مَجمع لأشباه الرجال .. واستعراض بالسيارات والقصات والرقصات .. ومؤشر واضح وصريح .. للفوضى وإنسياب الأمن .. فتجد أن السيارات متلاصقات ومتراكمات يوقفن الطريق .. لأجل مشاهدة فتاة طعشية** كاشفة لوجهها .. ولشئ من خصل شعرها .. وهي تقلب الـبي بي ..غير آبه بما يدور حولها.
 لا يهم كل ذلك .. كنت أسوق سيارتي .. وأستمع للثناء والمديح لـ متاريسيا كافيه .. فواحدة تذكر بأنه الفريد من نوعه وأخرى تقول بأنه فاق الرقي بأسره .. فهو يمنع دخول الأطفال لغلاء وثراء التحف والزينه التي يحويها .. وأخرى زادت بل يريدون أن يصنعوا جو رومانسي هادئ وحالم .. يُفسده الأطفال الأبرياء .. كنت اسمع كلامهم وعقلي مشغول في رسم الصورة الخيالية .. جزمت وقتها أني ذاهب لجنة الدنيا ..ما هي إلا دقائق وسيارتي تقف تماماً عند المدخل .. نزلت وتقدمت الكل .. كأي شاب سعودي يعج بالرجولة.. حارت عيني في تحديد جنس من استقبلني .. فالشعر طويل وسايح .. وعليه من الجل ما عليه .. والبشرة صافية زاهية ..مليئة بالمكياج تلمع مع الأضواء .. رحب بي بعبارات رقيقة جداً وكأنه العذراء في خدرها .. ثم أمر بالعامل .. أن يسوقنا حتى توقف عند طاولة صغيرة بأربعة كراسي .. تقع في المنتصف.. والناس يدورون ويجولون كأنهم يطوفون حولنا ..أحسست كأني واقف في منتصف دوار كبير مزدحم ..هل يُعقل أن نجلس ونأكل هنا؟ أين الهدوء والأماكن الحالمة؟ والأجواء الرومانسية؟
فوق .. فوق في الدور العلوي الأجواء مختلفة تماماً .. آتى الرد بسرعة البرق.. ذهبت لذلك المائع وقالي لي "تفضل تفضل ولو تكرم عينك" صعدنا الدرج الدائري .. كأنه حلزون .. ربما هو أجمل ما فيه الكافيه .. واذا بي اشاهد جميع النسوة .. فهو كاشف لتلك الحواجز او البارتشين .. ظهر لي أن النساء يدركن ذلك ولا يبالين .. فالوجوه مليئه بالصبغات والشعر سائح كأبهى ما يكون .. وربما أظهرت شئ من تفاصيل جسمها غضضت طرفي عنه .. اخذنا العامل لغرفة خاصة.. شعرت وهو يقولها بشئ من الخصوصية اللذيذة المحببة لمجتمعنا ..لكن المفاجئة .. انه اجلسنا في غرفة صغيرة جداً .. أربعة كراسي متلاصقة .. الحواجز شفاشفة كاشفة لما خلفها .. السقف قريب جداً كانه سيسقط .. الزخرفة رخيصة ومزعجة ومليئة بالألوان المتناقضة .. الغرفة بأكلمها أصغر من دورة المياة أجلكم الله .. أعطانا قائمة الطلبات عصائر .. حلويات مختلفة .. انواع من القهوة .. كلها غربية أجنبية مستوردة .. فالقهوة العربية عار او ربما تخلف لا يليق بهذا "التقدم و التحضر" .. الأسعار مبالغ فيها .. مره في العمر قصدي (الأسبوع!) ما تضر .. يستاهل الغلا .. فالمكان فائق ورائق.. هكذا اتى الرد .. آثرت للنسوة إختيار الأطباق فهن أعرف وأبخص .. وبدأت أقلب عيني في من حولي .. كنت محاصر بين أربعة جلسات صغيرة .. والحواجز تكشف كل شئ .. جميع النساء كاشفات .. ضاحكات بأصوات عالية .. يدخل العامل ويخرج ولا تعدل من غطائها .. ولكن جزء من رجل سعودي يمر واذا بها تختفي بأكملها تحت العباءة السوداء .. هناك في الزاوية البعيدة .. فتيات صغيرات يرقصن ويغنين لعيد ميلاد إحداهن.. ثم نادت العامل ليلتقط بعض الصور .. لم يوقف سرحي ومرحي إلا صوت العامل .. يستأذن ليدخل ويضع أربعة ملاعق طويلة .. كانهن مغارف .. ورأس الملعقة صغيرة كحبة زيتون .. ستايل ستايل انت وش عرفك؟ أتت بعدها الطلبات تباعاً .. فالمشروبات اولاً ثم المأكولات .. انشغلت وقتها كثيراً ولم الاحظ شئ  حتى آتى الحساب .. واذا به يفوق حساب "عربية" كبيرة مليئة بالإحتياجات الأساسية والترفيهية .. وقائمة ما لذ وطاب .. من العثيم أو السدحان أو حتى بندة.

في الختام

كل عام وترفيهكم بخير 



*: تقال متاريسيا لتخفيف ولتتناسب مع العصر ..وهي بالأصل مطاريسيا .. من مطرس يمطرس مطرستن .. اي حاقه حوقان.
** طعشية: مشتقة من اخوات اربعطش وخمطعش وستطعش .. وطعشية تعني عمرها بين 13-19 والله أعلم.